شكلت المعارضة التقليدية الإسلامية في عام 2005 ونائب رئيس الجمهورية عبد الحليم خدام المنشق عن النظام يومها جبهة الخلاص، وسرعان ما تم الخلاص من جبهة الخلاص بيد مؤسسيها طبعاً.!

 وهكذا تكررت العادة إلى اليوم من مشاريع تزعم الخلاص ثم ما تلبث أن تتشظى وتتآكل وتنتهي. لكنني أعتقد أن الخلاص السوري يحتاج الخلاص من طرق التفكير والعقلية والطريقة التي نفكر فيها ونعمل من خلالها، فهذا الطريق وهذه الطريقة من العمل لا تحقق لنا الخلاص السوري الذي ننشد، طالما أننا بلا زمام مبادرة لتصحيح الأخطاء وبلا قدرة وجرأة على ذلك، ولسان حالنا ليس بالإمكان أكثر مما كان، فهذا لا يحقق خلاصاً على الإطلاق، مالم نفتح طُرق أخرى للعمل وأساليب أخرى للسعي، ونتحرر من التأثير المباشر للأطراف الدولية الفاعلة في الموضوع السوري، فلا أحد يفهم عمق تعقيد المشكلة السورية وحاجتها للخلاص أكثر من السوريين أنفسهم.

 وهناك العامل الذي لا يمكن تجاهله بأي شكل من الأشكال واسمه الشعب السوري الذي بات بكل تلاوينه ومناطق النفوذ السياسي فيه سواء الثلاثة أو الخمسة مع الأسف، ينشد خلاصاً من الواقع الذي يحياه، وهذا الشعب الذي صبر طويلاً على ويلات الحرب لن يصبر إلى مالانهاية تحت ضغط هذا الواقع المر، والذي بات يرى خلاصه من هذا الواقع بالخلاص من قوى الأمر الواقع التي فُرضت بشكل أو بآخر، ابتداءً من السوريين تحت النظام المتوحش الذين يرقبون خلاصاً حذراً  في حياة لم تعد تحتمل الضغط عليهم بأشكال مختلفة، إلى السوريين تحت قوى صنعت صناعة اسمها قسد، إلى السوريين المشردين في قرى من القماش منذ سنين يرقبون خلاصاً.

إنّ قوى الجماهير قلّما تشعر بقوتها الكامنة الخطرة وهذه القوة التي قد تتفجر بلحظة وأخرى، وقد حصل الانفجار الكبير في 2011 وقد تنفجر بأي لحظة على هذا الاستعصاء الذي فُرض وحُشر فيه الشعب السوري.

لا يمكن إعادة عقارب الساعة إلى الخلف في سورية، وأن هناك أكثرية شعبية ساحقة تريد التغيير والانتهاء، بغض النظر مما يريده الآخرون.

لو كان لدى السوريين أمل آخر يتعلّقون به، غير الخلاص من النظام وهذا الواقع المفروض، لما كانوا استمروا إلى اليوم مع كلّ ما حصل من آلام ونكبات، إلى اليوم هناك الإصرار على الحياة والعلم والعمل.

 فما نشهده كلّ يوم يقدّم دليلًا على استعداد الشعب للتضحية بكلّ ما عنده، بل بأغلى ما عنده ولم يعد لديه أي شيء يخشى ضياعه وفقدانه.

 إنّ يوم الخلاص الذي ينشده الشعب السوري في مواجهة من يريد الخلاص من سورية بأي سبيل كان ولا يريد الخلاص لها، بما في ذلك السبيل الآيل إلى تقسيم البلد إلى مناطق نفوذ، وكل منطقة تحكم نفسها بسلطة مصنوعة، فيما يكتفي المجتمع الدولي بدور المتفرّج على المأساة الأكبر التي يشهدها العالم في القرن الواحد والعشرون.

بعد عشرة سنوات على ثورة الشعب السوري، الخيار يبدو واضحاً بين خلاص سورية والخلاص من سورية الذي سعت له بعض الأطراف.

إنّ تلك الدولة التي تسمى سورية والتي تتصارع فيها قوى دولية تملك جذراً حضارياً تاريخياً عميقاً، مهما ضربت المحن ساقه وأوراقًا ستخرج من جديد، فالضغط المستمر على الناس بلا أفق واستعصاء للحل بلا مخرج، لن يبقي الواقع هكذا بل يؤذن بانفجار ما، مالم نسعى للخلاص سعياً جريئاً حثيثاً صادقاً مختلفاً عن ما نقوم به ونعمل عليه.

Add Comment