منذ انطلاقة الاحتجاجات، قبل عقد من الزمن والأسد عوضاً عن تسليم البلد لأهلها لتشهد سورية تغييرًا ديمقراطيًا حضاريًا حقيقيًا، راح فسلّم سورية إلى الغريب الأجنبي لتكون مقسمة بين الإيراني والروسي، محققين مصالحهم وأطماعهم وليس مصالح الشعب السوري، فلا هو حافظ على البلد وتركها لأهلها يختارون من يديرها، ولا هو بقادر اليوم أن يحافظ حتى على  نفسه في سدة الحكم، فالظرف التاريخي الآن بكل أبعاده من مواجهة إيران وإرغامها إلى حرب كورونا الأخيرة التي جثمت على صدر العالم ورئته، ولم يفلت منها الأقوياء من الدول والأنظمة فكيف بالضعفاء والصعاليك.

وهناك قرار دولي اليوم بتنظيف المنطقة من الميليشيا الإيرانية والنفوذ الإيراني، فهي بؤرة الإرهاب وبؤرة كورونا اليوم في المنطقة، وهي تهدد الخليج العربي وهو الحليف التاريخي للولايات المتحدة الأميركية التي فرضت كل سبل الإرغام على إيران لإجبارها على الخضوع للشروط الدولية، ووجود إيران في سورية لا يمكن حلحلته بدون إبعاد ماهر الأسد وشقيقه بشار عن واجهة الحكم فماهر بوابة إيران الرئيسية في سورية.

تعاني سورية اليوم من بنك مركزي فارغ من العملة الصعبة التي سُرقت من قبل العصابة الحاكمة وفشل الأسد مؤخراً حتى من شراء القمح من الروس وهم حلفاؤه ، فالخزينة فارغة والعصابة المحيطة به لن تضخ ملياراتها المسروقة في البنك المركزي لتدور الحياة في البلد وتؤمن الدولة الحاجات الرئيسة ، وكذلك قانون سيزر الذي يحبو ليضيق الخناق أكثر على الأسد، واليوم منظمة حظر الأسلحة الكيماوية تدين النظام بارتكاب جرائم بالسلاح الكيماوي ضد الشعب السوري، وتتوالى النكبات وقد طلب النظام القمح من الروس وهم حلفاؤه فرفضوا إعطاؤه لأن الخزينة فارغة، لذلك لجأ الروس لمحاولة فك الحظر من قبل بعض الدول عن أموال الأسد من أجل تأمين الحاجات الأساسية للدولة وتتعثر بهذا الطريق، وبظل الوباء الذي يعم العالم وانهيارات اقتصادية كبيرة والهبوط الساحق لأسعار الوقود فهذا يعني مشكلة كبيرة لدى الروس والإيرانيين حليفي الأسد وهم دول نفطية ، فلم يعد بالإمكان استمرار الضخ المادي وانشغلوا بأنفسهم عن استمرار قتل السوريين بقتل كورونا لهم وفتكها بهم، وكانت إيران كل العقود الماضية في استراتيجيتها لإشغال الصراعات والحروب وليس التطور العلمي الصحي والتنمية فهي غارقة بالإشكالات الداخلية التي كبرت اليوم كثيراً جداً.

من أجل إخراج عصابات إيران من منطقة الشرق الأوسط لابد من إخراجها من سورية، وعزُّ الشرق أوله دمشق فلا حلول في الشرق الأوسط واستقرار بلا حل الموضوع السوري.

ومن أجل أن تسير الدولة لابد من إخراج الأسد من سدة الحكم، فهو سبب كل حظر يرتبط بسورية وحتى في العلاقة التركية الروسية أصبح الأسد مصدر عبث، والأسد اليوم يقف عاجزاً أمام فتك فيروس كورونا في صفوفه لتتوالى النعوش لعسكريين في الجيش يموتون بفيروس كورونا ويصر النظام على أن سبب الوفاة بذات الرئة! ولعل تذمر حاضنة النظام وطائفته باتت أكبر من إحاطته وضبطه.

كان الأسد مطلب دولي لرحيله لتحقيق حل واليوم بات مطلب أصدقاءه، فموافقته على إبعاد إيران كارثة والتمسك بها كارثة وبقاؤه أم الكوارث. وبقاء الأسد اليوم ليس هدف لأصدقائه على الإطلاق كما كان في السابق، وإنما هو البقاء المؤقت لإنجاز ورقة التفاوض ولتثبيت المكاسب لأصدقائه فقط لا غير.

 

د- زكريا ملاحفجي

كاتب وباحث سوري

 

Add Comment