اللاجئ هو شخص أُجبر على ترك بلاده بحثاً عن مكان آمن فاراً من الاضطهاد والحرب والقتل. واللاجئ (الفلسطيني السوري) كان قدره من قدر السوريين الذين تحول نصفهم بين لاجئ ونازح يفرّون من القتل ومن الموت لأنهم أرادوا حياة كالحياة فقط، لكن النظام والمجتمع الدولي ومسألة “حق الشعوب في تقرير مصيرها” أصبحت نظرية مسجلة على الورق في أماكن جميلة، فلم يعد هذا حق الشعوب، بل بات التهجير واللجوء هو مصير الشعوب وبات المصير تقرره شرذمة من العصابات والمافيات وبعض الملالي الذين يكرّسون ويفرضون السلطة الاستبدادية الحالية في سورية. 

وفي الوطن السوري ستمئة ألف لاجئ فلسطيني، قسم سحبته قيادته مع النظام ليُزج به في معارك ضد أهله الفلسطينيين والسوريين، ليموت من أجل مستبد، وقسم وقف مع الشعب السوري وضحى معه فامتزجت الدماء في معركة مصيرية واحدة ونزحوا معاً ولجأوا معاً، لكنه في هذه المرة يكون في اللجوء الثاني والنزوح الثاني، وأغلبهم لم يعرف من الحياة سوى حياة اللجوء فقط. 

تخلت وكالة الأونروا باعتبارها المرجعية الدولية للاجئين الفلسطينيين، عن كافة المهجرين الذين يعيشون في المخيمات والمناطق المحررة في الشمال السوري، وحرمانهم من تقديماتها ومساعداتها المادية والصحية والتعليمية، ويطال هذا الحرمان من خدمات الأونروا الصحية والتعليمية أيضاً. عدد من المتواجدين في مخيم درعا وأحياء المدينة الذين باتوا في سجن كبير اسمه مخيم درعا، لا يعرف أهله سوى السوق والبيت فلا أحد يتجرأ إلى الذهاب لمناطق النظام فلا يزال الكثير من أبناء المخيم في سجون النظام حتى اليوم.

أما عن المدارس والتعليم فالطريق للمدرسة صعب المنال، إلا لقلة قليلة ربما بدأت تتحسن ببعض المناطق فمعظم المدارس في درعا دمرت وكذلك بالشمال السوري، 

والجانب الصحي فيكفي القول أنّ بمخيم درعا صيدلية واحدة فقط.!!

وبعض المرضى لا يتمكنون من الذهاب للمشفى خارج مخيم درعا؛ خوفًا من الاعتقال باعتبارهم مطلوبين أمنيًا، على خلفية الحرب مما يهدد بتدهور حالاتهم الصحية.

بات أغلب الشباب يحلمون بلجوء آمن، فالحياة بلا عمل ومع خوف مستمر من الحاضر والمستقبل سمة عامة لدى الشباب.

يقع مخيم درعا جنوبي سورية، الذي أنشئ بين عامي 1950 و1951، بالقرب من الحدود الأردنية، من أجل إيواء اللاجئين الفلسطينيين الوافدين من الأجزاء الشمالية والشرقية من فلسطين، ثم بات اليوم مدمرًا في أغلبه، ولم تعد الحياة فيه تشبه شيء، وليس الشمال السوري بأحسن حال فهناك المخيمات والخيم التي ترهق الإنسان فلا يفصله عن الفصول الأربعة سوى قطعة قماش أو شادر بلاستيكي.

أما اللاجئ في لبنان فيعاني معاناة كبيرة على صعيد الإقامة القانونية، وتردي أوضاعهم المعيشية بصورة كبيرة، فلا العودة إلى سورية ممكنة حيث الاعتقال حال أغلب العائدين، فضلًا عن فضيحة 100 دولار لكل عائد.!

وهكذا رحلة اللجوء المستمرة، ثم جاءت مشاريع التطبيع التي أشعرت هذا اللاجئ بمزيد من الأذى المعنوي فضلاً عن أذاه الجسدي. لكن التاريخ يقول بأن هذه الشعوب المشردة المظلومة أشد إصراراً وأكمل حكمة وأصقل تفكيراً من غيرها وهي التي ستكتب التاريخ القادم، فمن رحم الأسى والمعاناة يُولد الأمل.

 

 

د_ زكريا ملاحفجي

كاتب سوري

Add Comment