بدأت الاحتجاجات الشعبية الإيرانية بالاندلاع من جديد منذ أول شهر مايو، حيث اجتاحت أكثر من 30 مدينة، وماتزال آخذة بالتمدد لباقي المدن الإيرانية.
وعادة ما تتكرر الاحتجاجات كل عام أو عامين على أمل إسقاط النظام الحاكم، وأصبح ملاحظ أن هناك سخطاً شعبياً على نظام الملالي وطريقة إدارته وحكمه للبلاد، خصوصاً مع إلقاء الشباب الإيراني في معارك خارجية لا يرغب بها.
يزداد الفقر المدقع يوماً بعد يوم، وتغيب العدالة الاجتماعية، ومع عدم احترام ثقافات الشعوب غير الفارسية، من العرب والأذريين والكرد واللور والبلوش، يزداد احتقان الشعب حيث الفرس لا يشكلون أكثر من 50 % كنسبة شبه رسمية في حين النسبة الحقيقية لا تتجاوز 35 %.
استمرار الحروب العبثية الخارجية، والانقسام الطبقي الكبير وتردي الأوضاع الاقتصادية أدى لاندلاع الاحتجاجات وما أشعل فتيلها أكثر “الخبز”.
يرفض الشعب السلطة الحاكمة ويشير إلى أنه لم يعد بالإمكان أن يتحمل أكثر، والأحداث الأخيرة تؤكد أنه ليس من السهولة إمكانية احتواء انتفاضة كبيرة ومفاجئة.
اندلعت الانتفاضات الإيرانية على مدى العامين الماضيين على خلفية ازدياد الانقسام الطبقي وزيادة الفقر والقضاء على الطبقة المتوسطة مما جعل المجتمع الإيراني قطبين:الأول وهو الأكثر ثراءً والآخر الأكثر فقرًا.
ويتعيَّن علينا دائمًا إدراك خصائص الانتفاضات في إيران المنكوبة بالملالي ومراعاة عاملين مهمين جدًا، وهما: العوامل التي تعمل بشكل متوازٍ وتؤثر دائمًا في بعضها البعض، وتتمثل في القمع السياسي والنهب الاقتصادي.
فالعامل الأول متأصلٌ في احتكار السلطة وإنكار الحرية، والعامل الثاني متأصلٌ في التفرد بالسلطة الاقتصادية وتسريع وتيرة اتساع الفجوة الطبقية. ومن ثم، فإن كل الانتفاضات التي اندلعت في إيران خلال عقد مضى هي تعبير سياسي واجتماعي وطبقي لهذين العاملين المهمين في النضال الدؤوب ضد حكم الملالي.
وتبلور هذا الظهور في جميع المدن المنتفضة؛ في المطالبة الأولى والصياح مرددين هتاف: “الموت لخامنئي – الموت لرئيسي”، ولوحظ أن ألسنة لهيب الغضب والمطالبة السياسية بدأت من “الخبز”، وامتدت إلى داخل ملعب كرة القدم فخلال مباراة كرة القدم بين فریق «تراكتورسازی» و«برسيبوليس» التی جرت عصر يوم الخمیس 19 مايو 2022 في استاد تبريز، هتف المتفرجون “الموت للديكتاتور” ورددوا شعارات «عديمي الشرف- عديمي الشرف» موجهة للوحدات الأمنية الخاصة التي دخلت الملعب.
عمت الشعارات الملعب، حیث توقفت المباراة لفترة، بعد أن عادت من جديد واستأنف الناس ترديد الشعارات واضطر النظام لقطع المباراة في الدقيقة السبعين.
وتكرر الأسلوب الذي استعمله النظام السوري، من قطع الإنترنت والاتصالات، أو قطع شبكة الجوال واعتقال المئات من الشبان.
وكانت خطابات حركات التحرر للشارع الإيراني، من أمثال “صلاح أبو شريف” من الجبهة الأحوازية و”صالح المردوم” القيادي الأذري ومجاهدي خلق وغيرهم، هذا يعني أن لهيب الاحتجاجات آخذ بالتمدد وقد نتجه لسيناريو الاحتجاجات المستمرة التي تتحول لثورة حقيقية، أو سيتم القمع كما حصل مسبقاً لاسيما بعد أن حول خامنئي قوى الشرطة إلى قيادة عامة وشكّل جهاز استخبارات للشرطة خوفًا من الانتفاضة.
وأقر خامنئي مشروعاً برلمانياً لتأسيس منظمة حماية واستخبارات في السلطة القضائية، من أجل مواجهة الغضب العام ومنع الانتفاضات العارمة، وقام نظام الملالي بترقية قوة الشرطة القمعية (ناجا) إلى مستوى قيادة الشرطة (فراجا) وقائدها إلى مستوى قادة الحرس والجيش، فتم تغيير هيكل قوى الشرطة إلى القيادة العامة، على غرار القيادة العامة للحرس أو القيادة العامة للجيش.
فنحن نشهد لهيب احتجاجات يمتد وينتشر وبحال استمرار الاحتجاجات فهذا سيهدد المركز الإيراني، وسيخرب على النظام الإيراني مشاريعه الخارجية في العواصم العربية التي يتدخل فيها ويقمع حركات التحرر، وكان التدخل الأكثر دموية في سوريا ودعم الملالي لنظام بشار الأسد، واليوم النظام الإيراني يلفحه لهيب الاحتجاجات الشعبية التي حاربها في دول أخرى وانتقلت إلى الداخل الإيراني، فهل نشهد سقوط نظام الملالي من شرارة الخبز؟
أو ستقمع الاحتجاجات بالحديد والنار من جديد ..؟